الرئيسية > الإمبراطورية الفرنسية الثانية

نابليون الثالث الإمبراطورية الفرنسية الثانية

نابليون الثالث شارل لويس نابليون بونابرت
نابليون الثالث شارل لويس نابليون بونابرت

هو شارل لويس نابليون بونابرت، من مواليد العاصمة الفرنسية باريس لعام 1808م (تحديدًا في 20 إبريل)، وقد شغل منصب رئيس فرنسا لفترة تقارب الخمس سنوات قبل أن يتم تتويجه على رأس الامبراطورية الفرنسية عام 1852م تحت اسم نابليون الثالث.

كان شارل لويس ينتمي إلى الأسرة النابليونية، حيث كان أبوه لويس بونابرت ملك هولندا والأخ الأصغر لنابليون الأول. وقد قضى شارل شبابه متنقلًا بين إيطاليا والمانيا وسويسرا على أعقاب صدور قانون يقضي بنفي العائلة النابليونية خارج الأراضي الفرنسية.

كون شارل أسرته وهو شابًا لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره وذلك عام 1832م، حيث كانت زوجته هي أوجيني دي مونيتو كوتيسه ذات الأصول الإسبانية.

كانت رغبة شارل في تكوين الامبراطورية الفرنسية الثانية عارمة، وهو ما جعله يقيم علاقات مع بعض الثوريين الذين كان منهم الكربوناري بإيطاليا؛ طامحًا من خلال ذلك في الإطاحة بالملك لويس فيليب الأول عن طريق تنفيذ محاولتي انقلاب عليه. كانت إحدى هاتين المحاولتين في مدينة ستراسبورغ عام 1836م، والأخرى في بولونيا عام 1840م، حتى تم الزج به إلى سجن “هام” على خلفية اتهامه بتدبير انقلاب على الملك.

قضى نابليون 6 سنوات داخل السجن، وقد تمكن خلال تلك السنوات من تأليف كتابين أحدهما كان يتناول سيرة عمه نابليون الأول، وكان تحت مسمى “الأفكار النابليونية”، بينما الآخر كان يتناول مشكلة الفقر واقتراحات للقضاء عليها وقد أسماه “انقراض الفقر”.

لكن شارل تمكن وبعد 6 سنوات قضاها بداخل السجن من الهرب فارًا إلى انجلترا عام 1846م، حتى شاء القدر وتمكن من الرجوع مرة أخرى إلى فرنسا بعد قيام ثورة 1848م، والتي عزل على إثرها الملك، ثم أجريت انتخابات فاز فيها شارل لويس بحصوله على أكثر من 70% من عدد الأصوات، ليؤدي اليمين الدستورية بعدها كأول رئيس للجمهورية الفرنسية الثانية.

في حقيقة الأمر كان لويس فيليب حاكمًا صالحًا لفرنسا، ساد الرخاء والسلام في عهده، لكن هذا لم يكن يكفي لتلبية تطلعات الفرنسيين الذين قارنوا بين عصره الذي اتسم بالرخاء وعصر نابليون الأول الذي اتسم بالانتصارات والأمجاد العظيمة؛ ما أدى إلى اندلاع ثورة فرنسية ثانية أطاحت بفيليب من الحكم، ثم تم إعلان الجمهورية الفرنسية الثانية والتي ترأسها شارل لويس نابليون.

الجمهورية الفرنسية الثانية

كما أشرنا سابقًا، فبعد قيام الثورة الفرنسية الثانية في فبراير عام 1848م، اتجه شارل لويس إلى فرنسا تاركًا انجلترا ليدخل سباق الانتخابات للجمهورية الفرنسية الثانية والتي كان من المقرر لها أن تتم عبر استفتاء عام، ليفوز لويس بعد إجراء الاستفتاء بنسبة تفوق ال 70% من بين سبعة ونصف مليون ناخب.

لكن رغم هذا كان هناك عائق وحيد أمام شارل لويس. فلم يتبقى أمام الرئيس الفرنسي لكي يحقق حلمة ويصنع امبراطورية فرنسية عظيمة يكون هو على رأسها سوى أمر بسيط، وهو مدته المحددة بأربع سنوات فقط. وقد قام شارل بإزالة هذا العائق بطريق غير شرعي من خلال الانقلاب على القانون والاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم الزج بجميع المعارضين والمقاومين للقرار داخل السجون.

الامبراطورية النابليونية الثانية

انقلب نابليون على القانون بينما كان قد شارف على الانتهاء من مدته الرئاسية ذات الأربع سنوات، لكن رغم هذا فقد أعيد مرة ثانية الاستفتاء على حكمه واختاره الشعب ليكون على رأس الامبراطورية الفرنسية الثانية، وسمي بنابليون الثالث نسبة لعمه نابليون الأول ثم ابنه نابليون الثانِ.

وبعد اختياره كإمبراطور، بدأ نابليون الثالث بسلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تضمنت إزالة الكثير من الاحياء القديمة وإعادة بناء باريس، بالإضافة إلى إنشاء سكك حديدية جديدة والكثير من الطرق. وقد  قام بتعيين الكثير من خبراء السياسة والاقتصاد كمستشارين للنهوض بالبلاد على كلا الصعيدين.

أما البلاط الامبراطوري فلم يكن بمعزل عن كل تلك الاصلاحات حيث ضُرب به المثل في أوروبا كلها، وتصدرته زوجة الامبراطور أوجيني.

سياسته الخارجية

في الواقع لم تكن الإصلاحات التي قام بها نابليون الثالث كافية لترضي شعبه وتوطد حكمه وتحافظ على بقاؤه كإمبراطور، بل كان مجبرًا على السير على طريق الانتصارات والأمجاد التي بدأها عمه نابليون الأول والمضي قدمًا في إعلاء مكانة فرنسا بين الدول الأوروبية، وربما كانت هذه هي بداية النهاية بالنسبة لحكمه كإمبراطور فرنسي.

أعلن نابليون نيته لتحرير الإيطاليين من الحكم النمساوي والعمل على توحيد المقاطعات الايطالية إلا أنه تراجع عن ذلك فيما بعد؛ وما جلبت له تلك الفكرة إلا مزيدًا من الأعداء.

وأثناء الحرب الأهلية المكسيكية التي قامت بين الجمهوريين والامبراطوريين، أراد نابليون احتلال المكسيك وإقامة امبراطورية فرنسية هناك؛ وقد نجح فعليًا في احتلالها وتنصيب امبراطورًا لها بعد تعاونه مع كل من المملكة المتحدة وإسبانيا، غير أنه أدرك عدم استطاعته الصمود أمام جنود الحرب الأهلية الذين كانوا على درجة عالية من القتال؛ وهذا ما جعله ينسحب بجنوده إلى فرنسا تاركًا وراءه الرجل الذي عينه على رأس الامبراطورية المكسيكية والذي تم إعدامه فيما بعد.

 

النهاية

ضعُفت قوة نابليون الثالث في الداخل والخارج، وأصبحت فرنسا على غير استعداد لمجابهة المخاطر التي قد تتعرض لها. وفي تلك الأثناء نشبت الحرب بين بروسيا – التي كانت تحت حكم الداهية بسمارك – والنمسا. حينها اطمأن نابليون الثالث؛ ظنًا منه بأن القوتين سيضعفان بعضهما البعض من خلال حرب طويلة الأمد؛ وتصبح فرنسا بعدها على رأس الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي لم يتحقق؛ حيث انتهت الحرب بعد بضعة أسابيع بإعلان انتصار بروسيا على النمسا.

وبعد تحقيق النصر، أراد بسمارك أن يخوض الحرب مع فرنسا، لكنه أراد أولًا التأكد من وجودها وحدها دون حليف يدافع عنها، فقام بعمل خدعة تهدف لجعل فرنسا هي من تعلن الحرب على بروسيا؛ حتى تمارس بروسيا دور الضحية المعتدَى عليها من فرنسا، وقد تحقق الأمر بالفعل وأعلنت فرنسا الحرب على بروسيا بعد تزوير بسمارك لنص خطاب سري بين فرنسا والمانيا، حيث اشتمل الخطاب على رفض ملك ألمانيا لقاء السفير الفرنسي الكونت بنيديتي.

وبالرغم من عدم استعدادها للحرب، حشدت فرنسا جيوشها ودخلت في مواجهة مع القوات البروسية، إلا أن الأخيرة قد تمكنت من خلال اسلحتها ومدافعها الحديثة وكفاءة جنودها واستخدامها لخطوط السكك الحديدة بشكل علمي من حصار الجيش الفرنسي والذي عرف بحصار ميتز، لكن نابليون أدرك الأمر وقام بنجدة جيشه، لكنه هُزم مرة أخرى في معركة سيدان.

وبعد انتهاء المعارك التي قامت بين جيشي بروسيا وفرنسا وهزيمة الثانية، تم سجن نابليون الثالث في أحد السجون الألمانية قبل أن يعود إلى انجلترا التي استضافته في أيامه الأخيرة، إلى أن وافته المنية في 9 يناير 1873م  بعد إجراءه عمليتين لإزالة الحصوات.

خدمة استقبال وتوصيل من المطارات